إن أسباب لجوء بعض الرجال الى استخدام العنف مع زوجاتهم وامتناع آخرين عن ذلك، غير مفهومة بوضوح لحد ألان، ولكن بصورة عامة شخصت ثلاث عوامل تسهم في دفع الرجال الى الاعتداء على زوجاتهم او أفراد أسرهم من الإناث او أطفالهم،وحتى استخدام العنف ضد نساء من خارج أسرهم، وهي:
1. حالات واعتقادات اجتماعية معينة تشجع على العنف.
· تقبل المجتمع، هناك حالة شائعة من التسامح وتقبل الرجال الذين يستخدمون القوة البدنية مع زوجاتهم، ففي تجربة أجريت بهذا الخصوص وجد ان المتفرجين لمشهد رجل يضرب امرأة قد عارضوا فكرة التدخل لوقف الاعتداء لاعتقادهم بان المرأة هي زوجة هذا الرجل، الرجال يستمرون في استخدام العنف لان لا احد يوقفهم.
· قيم ومعتقدات، الرجال المستخدمين للعنف يؤمنون بالأفكار التالية والتي تروج لاستمرارية العنف ضد المرأة:
v الاعتقاد بان الرجل هو المتحكم في الأسرة.
v المعادلة الخاصة بالقوة البدنية والهيمنة الذكورية.
v تقبل فكرة استخدام القوة والتخويف كطريقة لحل المشاكل.
2. ردود الفعل والاستجابات المؤيدة للعنف من قبل المجتمع.
الرجال المستخدمين للعنف عادة ما يتلقون استجابة من مجتمعاتهم عادة ما تفشل في كبح سلوكهم العنيف، حيث إن التصرف العنيف مرتبط بصورة معقدة مع عدة عوامل تجعل من الصعوبة بمكان ان يغيروا من أسلوبهم ، وهذه العوامل هي:
· ليست هناك مصادر او برامج متوفرة لمساعدة مستخدمي العنف لتغيير سلوكهم او أي خدمات أخرى تركز على العنف داخل المنزل.
· قلة من الخبراء لديهم الفهم الكامل لطبيعة التعامل مع مستخدمي العنف من اجل تغيير هذا الأسلوب.
· العائلة والأصدقاء عادة ما يعطون الأعذار لاستخدام العنف.
· المؤسسات عادة ما تغض النظر عن العنف، وهذا ناتج عن عدم الرغبة في الخوض في هذا الموضوع بصورة جدية وحقيقية.
3. صفات نفسية محددة عادة ما تكون مألوفة عند الرجال الذين يستخدمون العنف، من هذه الصفات:
v النكران: معظم مستخدمي العنف من الرجال لا يعتقدون بأنهم يواجهون مشكلة، وعادة ما يقررون من تقليل استخدامهم للعنف، يهملون التفاصيل المهمة، يكذبون بشأن استمرارية وتزايد استخدامهم للعنف، إن نكران استخدامه للعنف يرفع عنه المسئولية عن تصرفه العنيف ولذلك لا يشعر بأنه سلوكه يحتاج الى تغيير، النكران يجنبه من تقييم حقيقة سلوكه، هذا الموقف الدفاعي والنكران قد يكون متطورا من طفولته كطريقة للتعامل ومعالجة المواقف التي تم معاقبته فيها عندئذ، او قد يكون سببا لتجنب الإحساس بالضعف والقلق و الأكتآب.
v إلقاء اللوم على الظروف لخارجية: معظم مستخدمي العنف يعتقدون بأنهم لجئوا الى العنف لأسباب خارجية ليس لهم القدرة على التحكم بها، وعادة ما يكون لديهم قائمة طويلة من الأعذار والتبريرات والمسوغات لسلوكهم العنيف.
v مخاوف فقدان السيطرة والتحكم: معظم مستخدمي العنف يتخوفون من فقدانهم لزوجاتهم، حيث يعتمدون عليهم في تلبية كل متطلباتهم ، ويؤدي كبح هذه المخاوف الى جعلهم معرضين لأي تأثير خارجي مما يؤدي الى نمو شعور الاستحواذ والتحكم لديهم ويزيد من استخدامهم للعنف.
v طبع الشخصية بأحكام التقاليد والأعراف: ان نشوء وتربي الذكور على فكرة أنهم المتحكمين في الأسرة ، والآمر الناهي فيها، فيتعلم الرجل ان إظهار العواطف هو نوع من الضعف غير المسموح به في عالم الرجل وان على الرجال ان يكونوا أقوياء ومتحكمين، حيث ينشأ الرجل وهم مؤمن بأنه مسئول عن زوجته وعليه يبرر لنفسه محاولاته لجعلها تمتثل لكل ما يريده، و إذا لم يتحقق ذلك بقوة الإرادة يلجأ عادة الى قوة اليد، وكلما آمن أكثر بفكرة الهيمنة هذه كلما زاد من استخدامه للقوة ليصل الى ما يريد.
v اغلب الانفعالات تظهر في صورة الغضب: معظم انفعالات القلق والخوف يتم إخفائها من قبل الرجل بستار الغضب، بالاستناد الى ان الغضب سلوك مقبول ومن التصرفات التي تظهر الهيمنة والتحكم، وكذلك هناك الكثير من الأشياء و الأشخاص التي قد تتسبب في غضبه ولكنه عادة ما يفرغ هذا الغضب بأسلوب العنف داخل الأسرة لمعرفته بأنه لن يفلت من العقاب إذا ما وجه غضبة على شخص آخر من خارج الأسرة.
v العزلة والتوحد: مستخدمي العنف هادة ما يلجئون الى العزلة والتوحد، قد يظهر بان لديهم أصدقاء كثر وعلاقات جيدة مع الناس ولكنهم دائما ما يبعدون الناس عن شئونهم الخاصة مفضلين حل مشاكلهم بمعزل عن الآخرين، وهذا مبني على اعتقادهم بان طلب المساعدة او توقعها من الآخرين هو سلوك غير رجولي ويدل على الضعف، وأيضا على خوفهم من ان سلوكهم العنيف سيؤثر على الصورة الطيبة المأخوذة عنهم من قبل الناس.
v السيطرة على النفس: يتصف بعض الرجال بضعف التحكم في انفعالاتهم ويتميزون بنسيانهم لثورات غضبهم، وعادة ما يوصف هؤلاء من قبل الآخرين بأنهم قنابل موقوتة، تنفجر فجأة، وعادة ما يتفاجئون هم أنفسهم من ثورة الغضب التي تمر بهم أكثر من المحيطين بهم، وغالبا ما يثارون لأتفه الأسباب ، ويبررون غضبهم بأنهم فقدوا السيطرة على أعصابهم ،والحقيقة ان غضبهم كان سبيلا للتخلص من القلق المتزايد ووسيلة لإعادة التحكم في الموقف.
وهناك نوع آخر عكس النوع الأول ممن يتصفون بالإفراط في التحكم في انفعالاتهم، هم يعرفون تماما ما الذي يفعلونه ويخططون مسبقا لهجومهم وأين سيضربون الضحية وما حجم القوة التي سوف يستخدمونها لتحقيق هدفهم الذي هو عادة ما يكون زرع الرعب في نفس الضحية للتحكم أكثر فيها، وهؤلاء قلما يلجئون إلى استشارة الآخرين.
v تجارب الطفولة في استخدام العنف: أظهرت الدراسات ان اغلب مستخدمي العنف من الرجال قد شهدوا نفس العنف في منازلهم في الطفولة ونشئوا على فكرة استخدام العنف، لأنهم شاهدوا استخدام العنف في طفولتهم ، حيث كان الأب يضرب الأم أو هم أيضا كانوا ضحية لهذا العنف، فينشئون معتقدين ان العالم هو مكان عدائي وغير آمن، وتحت التوتر والانفعال يلجئون الى نفس الأسلوب الذي نشئوا عليه.
وقد يكتسب مستخدمي العنف هذا السلوك من استخدامه للرياضات التنافسية مثل الملاكمة، او من تمجيد الحروب والعنف في وسائل الإعلام، حيث ينشأ الأولاد معتقدين ان العنف هو مكون طبيعي من مكونات الرجولة.
ضعف تقدير واحترام الذات: مستخدمي العنف عادة ما يشعرون بالضعف في حياتهم العامة ويوصفون عادة بالطيبة الى درجة الخنوع حيث لا يظهر ابسط أنواع الامتعاض او الاستياء، وكلما شعر بالانفعال تغلب عليه طبيعته في كبح هذا الانفعال مما يؤدي الى إحساسه بالسوء ، وفي النهاية يلجأ الى العنف كمحاولة لاكتساب نوع من الهيمنة والتحكم، ومع الأسف فعلى المدى القصير تنجح هذه الطريقة حيث يشعر بالرضا من التنفيس عن انفعالاته المكبوتة ومن ثورة غضبه ومن إذعان وخضوع زوجته