[size=12] المرأة وحقوق المواطنة
نص الدستور السوري وهو القانون الناظم الذي يبن شكل الدولة والحكم فيها ويقرر حقوق الأفراد وحرياتهم ويضع الضمانات الأساسية لهذه الحقوق والحريات في الفصل الرابع منه المادة /25/ على أن الحرية حق مقدس وتكفل الدولة للمواطنين حريتهم الشخصية وتحافظ على كرامتهم وأمنهم.
فــ3 (المواطنون متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات)
فــ4 (تكفل الدولة مبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين)
والمادة / 26 / لكل مواطن الحق في الإسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وينظم القانون ذلك.
م / 27 / يمارس المواطنون حقوقهم ويتمتعون بحرياتهم وفقا القانون.
م / 28 / فـ1 المتهم برئ حتى تثبت إدانته.
فــ2 لا يجوز تحري أحد أو توقيفه إلا وفقاً للقانون3.
فــ3 لا يجوز تعذيب أحد جسدياً أو معنوياً أو معاملته معاملة مهينة ويحدد القانون عقاب من يفعل ذلك.
فــ4 حق التقاضي وسلوك سبيل الطعن والدفاع أمام القضاء مصون بالقانون.
م/33/ فـ 3 لكل مواطن الحق بالتنقل في أراضي الدولة إلا إذا منع من ذلك بحكم قضائي أو تنفيذا لقوانين الصحة والسلامة العامة.
المادة / 36 / العمل حق لكل مواطن وواجب عليه وتعمل الدولة على توفيره لجمع لمواطنين.
المادة / 44/ الأسرة خلية المجتمع الأساسية تحميها الدولة.
وإن سيادة هذه المواد الدستورية يستلزم تأمين حقوق الإنسان والأفراد والجماعات ويضمن الدستور حسبما جاء في هذه المواد المساواة بين جميع المواطنين وحقوقهم لقانون واحد يطبق على الجميع والافتراض أن المشرع ينسجم مع الدستور ولا يخضع لمصالح ورغبات ونزوات الأقوياء. وأنه يوفر الحماية للجماعات الأكثر ضعفاً وفقراً واستغلالاً بتوفيره لهم البنية التحتية الخدماتية الضرورية والأساسية كحق الكرامة والسلامة والحياة والعمل والسكن والصحة والتعليم. وعندما تتوقف القوانين عن ممارسة هذا الغرض الذي حدده لها الدستور نكون أمام انحراف عنه. واعوجاج في سلوك وإتباع طرق العداله. مما يقتضي تصحيح هذا الانحراف بيسر وسهولة وسرعة.
وإيمانا منا بأن النساء مواطنات من الدرجة الأولى لهن كامل حقوق المواطنة كما الرجل، وأن رقي المجتمعات وتحقيق الديمقراطية والسلم الاجتماعي والسيادة الوطنية مرهون بتقدمهن، سعينا وبشكل حثيث وبخطى جريئة للتدليل على مواطن النقص والعيب في القانون ليسهل تشخيصها ومن ثم معالجتها. ومن ذلك ما جاء في المادة /14/ قانون أحوال شخصية سوري- فــ / 2 / إذا قيدا عقد الزواج بشرط يلتزم للمرأة مصلحة غير محظورة شرعا ولا يمس حقوق غيرها.
ولا يقيد حرية الزوج في أعماله الخاصة المشروعة كان الشرط صحيحَا ملزماَ.
فــ / 3 / إذا اشترطت المرأة في عقد النكاح ما يقيد حرية الزوج في أعماله الخاصة ويمس حقوق غيرها كان الاشتراط صحيحاَ ولكنه ليس ملزم للزوج فاذ1 لم يفِ به الزوج فللزوجة المشترطة فسخ النكاح .
وتفرغ هذه المواد إرادة المرأة من محتواها. وتعتبرها مواطناً ناقص الأهلية، مبتور الإرادة، محدود العقل، لا يعتد بعقوده ولا بشروطه! فهي والعدم سيان! لعدم إنتاج هذا العقد لأي أثر ملزم على الطرف الأخر الذي له حق فسخه، أو إبقائه والعمل به، أو رفض العمل به! ولم يخالف المشرّع هنا الدستور، بل خالف وناقض الأسس والأركان الأساسية التي قام عليها نظام العقود في القانون المدني الذي اعتبر العقد شريعة المتعاقدين، وتنتج أثاره وتترتب التزامات متبادلة على طرفيه من تاريخ التوقيع عليه. وعندها لا يحق لطرفي العقد فسخه إلا أمام القضاء، أو بإرادة مشتركة. وكما أن الرضا أساس لتوثيق عقد الزواج ابتداءً فهو الأساس لفسخه انتهاءً. ولكن القانون مكّن الرجل من التحلل من العقود التي وقع عليها بإرادته. وضرب عرض الحائط بكل مواد الدساتير السورية والعربية، القديمة والحديثة، منذ عهد بوخوريوس في مصر وحمورابي في بابل إلى وقتنا هذا!
ويستمر المشرّع بتكريس مفهوم الهيمنة الذكورية وازدواجية المعايير الأخلاقية والقانونية. ليصل به الحد لتصنيفها بمرتبة المجانين والمعتوهين والسفهاء والمختلين الذين لا يمكنهم القيام بأي عمل أو ممارسة أي نشاط إلا بحضور النائب الشرعي عنهم، الذي يتجلى هنا بالولي!
وهذا ما نصت عليه المادة / 162/ قانون أحوال شخصية سوري: القاصر هو من لم يبلغ سن الرشد وهي /18/ سنة .
المادة / 167/:
فقـرة /1/ النيابة الشرعية عن الغير تكون إما ولاية أو وصاية أو قوامة أو وكالة قضائية.
فقـرة /2/ الولاية للأقارب من الذكور والوصاية على الأيتام والقوامة على المجانين والمعتوهين والمغفلين والسفهاء والوكالة القضائية عن المفقودين.
فقـرة /4/ تنتهي الولاية ببلوغ القاصر / 18/ سنة ما لم يحكم عليه قبل ذلك باستمرار الولاية عليه لسبب من أسباب الحجر أو يبلغها معتوهاً أو مجنوناً فتستمر الولاية عليه من غير حكم.
فإذا كان سبب الولاية على الصغير هو القصر، فما هو سبب الولاية على المرأة؟! وإذا كان بلوغ سن الرشد يلغي الولاية على القاصر، فما سبب استمرار الولاية على المرأة حتى مماتها؟!
فهي لا تستطيع أن تعقد زواجها بنفسها حتى ولو بلغت الستين من العمر، كما نصت المادة /21 / أ.ش.س .(الولي في الزواج هو العصبة بنفسه على ترتيب الإرث)! رغم التأكيد على أن شروط الزواج هي بلوغ المرأة السابعة عشرة من عمرها، والرجل الثامنة عشرة! وأيضاً شرط البلوغ، حسب ما جاء في المادة /15/ أ.ش.س. فهذه المواد اعتبرتها مواطناً ناقصاً قاصراً لن يكتمل عقله، ولن يبلغ سن الرشد في حياته! مما استدعى، والحالة هذه، ضرورة تنصيب نائب شرعي عن المرأة، وهو الولي، ليقوم عنها بهذه المهام، من كان هذا الولي (عاملاً، مجرماً، موظفاً)! ومن كانت هذه المرأة (طبيبة، وزيرة، سفيرة، قاضية، نائب عام جمهوري)!
وتتعدى الولاية على المرأة لتشمل، حسب ما جاء في قانون قدري باشا الذي يتضمن الراجح في المذهب الحنفي، وهو الذي تتم العودة إليه في كل ما لم يرد عليه نص في قانون الأحوال الشخصية السوري. فعندما لم ينص القانون على تأديب الزوجة، قام قانون قدري باشا بسد الفراغ التشريعي بالمادة /206 – 209 / منه التي تنص على (أن ولاية الزوج على المرأة تأديبية ويباح له تأديبها تأديباً خفيفاً على كل معصية لم يرد بشأنها حق مقدر لكن ليس له ولاية على أموالها)!
من هنا نقول: كيف تستطيع المرأة التي لا تمتلك الولاية على نفسها أن تمتلك الولاية على أموالها؟! والتي لا تمتلك الولاية على جسدها أن تمتلك الولاية على عقلها؟! وهي ممنوعة أصلاً من الخروج من المنزل بدون إذن زوجها (مادة /207/ أحوال شخصية قدري باشا "للزوج بعد إيفاء المرأة معجل صداقها أن يمنعها من الخروج من بيته بلا إذن في غير الأحوال التي يباح لها الخروج فيها كزيارة والديها في كل أسبوع مرة ومحارمها في كل سنة مرة وله منعها من زيارة الأجنبيات وعيادتهن ومن الخروج إلى الولائم ولو عند المحارم وله أن يمنع أهلها من القرار والمقام عندها في بيته سواء كان ملكاً له أو أجرة أو عارية"؟!
وأيضاً ما نصت عليه المادة /212/ من ذات القانون، التي صنفت فيما على الزوجة من حقوق زوجها (أن تكون مطيعة له فيما يأمرها به من حقوق الزوجية ويكون مباح شرعاً، وأن تتقيد شرعاً بملازمة بيته بعد إيفائها معجل صداقها ولا تخرج منه إلا بإذنه، وأن تكون مبادرة إلى فراشه إذا التمسها بعد ذلك ولم تكن ذات عذر شرعي، وأن تصون نفسها وتحافظ على ماله ولا تعطي منه شيئاً لأحد مما لم تجري العادة بإعطائه)!.
وللأسف يصر الرجل بمثل هذه المواد على الانتقام من نفسه بنفسه لأن التفوق والإبداع والحب والعطاء والحكمة والصدق لا يمكن أن تتواجد إلا عندما يكون ذلك نتاج عقل ووجدان وجسد المرأة. فنحن أمام علاقة أفقية تسلطية، وليست هرمية تراكمية، لأن المرأة عبر التاريخ أقصيت وأبعدت عن صياغة وصناعة النص التشريعي الخاص بها. وهذا أدى إلى حجب إرادتها ورؤيتها في علاج قضاياها ومشاكلها. والذي سيؤدي بالضرورة إلى رجحان كفة الحقوق لصالح الرجل على حساب حقوق المرأة! هذا الرجل الذي راهن ويراهن دائماً على الاستفادة من الإرث التاريخي والمجتمعي كحالة طبيعية للنواميس البشرية! مما يستلزم، والحالة هذه، العمل على إيجاد خطاب مجتمعي جديد، وصياغة ثقافة جديدة، وتغيير أيديولوجي في الأعراف والسلوكيات. لأن المساواة ليست غذاء للطفل يؤتى بالملعقة رويداً رويداً. بل هي تشريعات ملزمة جديدة، ونظم قانونية آمرة تطبق على الجميع رجالاً ونساءً أغنياءً وفقراء.
[/size]